عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
27243 مشاهدة
الناقض الأول: الشرك بالله

على آله وصحبه أجمعين.
نبدأ بنواقض الإسلام، وأسباب الخروج من الإسلام؛ وذلك لأهميتها، لأنها تتعلق بالعقيدة، ولأنها تتضمن دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم، حيث يبدءون بالعقيدة، ويبدءون بالتوحيد، ولأهمية ذلك، وقد تكلم العلماء -رحمهم الله- على أهمية التوحيد، وكذلك تكلموا على خطر الشرك، وخطر الخروج من الإسلام، وذكروا أمثلة كثيرة يخرج بها المسلم من دينه تحت باب حكم المرتد، أي: المرتد الذي يكفر بعد إسلامه بفعل ما يكفر من المكفرات.
فإن المسلم إذا دان لله تعالى بالإسلام، وأخلص دينه لله أصبح معصوم الدم ومعصوم المال، ثم إذا فعل بعض المكفرات خرج من دين الإسلام، وحل دمه وماله إلا أن يتوب.
وقد أكثر العلماء من الأمثلة التي يكون بها المسلم خارجا من دينه، ولكن يبدءونها بالشرك والكفر، ويبدءون أيضا بمثل هذه النواقض، النواقض العشرة التي يكفر من انتحل منها شيئا.
فذكروا: أن من أشرك بالله فقد كفر ، وكذلك من فعل نوعا من أنواع الشرك أنه يعتبر قد كفر بالله، وهكذا أيضا من اعتقد أن غير شرع الله أكمل من شرع الله، وكذا من استهزأ بدين الله، وكذا من حكم بغير ما أنزل الله وفضل حكم غير الله على حكمه، وهكذا من سخر بشيء من شعائر الدين، أو تنقص شيئا من علامات أو من معالم الإسلام، ويجمع ذلك كله عدم القناعة بالِإسلام وبتعاليم الإسلام، وعدم التصديق لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعدم تقبله، وكذلك أيضا فعل ما يخالف الشريعة الإسلامية، ولا شك أن هذا كله يدل على بغضه لشيء من الإسلام ويدل على أنه لم يقتنع بما جاء به الإسلام ولم يرض به.
وقد كثرت في هذه الأزمنة الوسائل والأسباب التي إذا اعتقد شيئا منها حكم بخروجه ولكن يتساهل الناس، فيتساهلون في تطبيق هذه الحدود والعقوبات عليه، فما أكثر الذين يسخرون من المسلمين، ويستهزئون بشيء من شعائر الدين، بحيث أنهم يظنون أنهم على صواب وهم بعيدون من الصواب، الذين يسخرون من المصلين، ويعتقدون: أن صلاتهم لا تنفعهم ولا تفيدهم، وكذلك ما أكثر الذين يتركون شيئا كثيرا من العبادات الشرعية التي فرضها الله على عباده، ويصرون على تركها، أو يعتقدون عدم وجوبها، وعدم أهميتها، ويكون ذلك من الكفر حيث أنهم عاندوا بترك ما أمر الله تعالى به وفرضه على عباده.
ويكثر الذين يفعلون كثيرا من المنكرات، ويعتقدون حلها، ويعتقدون: أنهم على صواب في حل ما حرم الله تعالى، وقد كَفَّرَ الله تعالى الذين يحلون الحرام، ويحرمون الحلال في قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذهم أربابا ما معناه: فذكر أنه: طاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال فكأنهم مشرعون، أي: جعلوهم يشرعون، وجعلوا شرعهم أحسن من شرع الله؛ فكانوا بذلك أربابا من دون الله، ويسمى هذا شرك الطاعة .
وكذلك كفَّر الله من يفتري عليه، ويشرع شرعا من قبل نفسه في قول الله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُون مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ما ذكر من ذنبهم إلا أنهم يقولون: هذا حلال وهذا حرام، يعني: يحرمون ما يشاءون، ويحللون ما يشاءون دون أن يتقيدوا بشرع الله تعالى.
هذه النواقض جمعها المؤلف الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى اختارها من النواقض الكثيرة المشهورة التي يذكرها الفقهاء في باب حكم المرتد، فقد أكثر العلماء رحمهم الله تعالى من النواقض، حيث أوصلها بعضهم إلى مائة، ربما إلى مائتين، كل خصلة من المائة أو المائتين تكون ناقضا، وتكون ردة، يعني: من اعتقدها ارتد عن الدين، يعني: بهذه الأفعال، أو بهذه الاعتقادات، يعني: أنه يكفر ويخرج من الدين، ويحكم بردته، وإن لم يفعلها، وإن كان مجرد اعتقاد.
بدأها رحمه الله تعالى بالشرك بالله، وثنى بعد ذلك بجعل الوسائط بين العبد وبين الله، وهو نوع من الشرك، ولا شك أن هذا دليل على أهمية معرفتها حتى يسلم الإنسان من الوقوع فيها؛ فإنها إذا عُرفت تجنبها المسلم إذا عرف خطرها.
وإذا قال إنسان: إننا والحمد لله بريئون منها، ليس عندنا شيئا من هذه الشركيات، ولا من هذه المكفرات، فنقول: إن عليك أن تعرف هذه الشرور حتى لا تقع فيها وأنت لا تشعر؛ فإن الكثير قد يقعون فيها عن جهل، فإذا صاروا على يقين تجنبوها وابتعدوا عنها.
فهذا هو السبب في حرص المسلمين وعلمائهم على أن يعلموا الشرور التي يخاف من الوقوع فيها ، فقد ثبت عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه فعليك أن تعرف الشرور حتى تحذرها، ومن جملتها: الشرك بالله وإن كان -والحمد لله- ليس موجودا، يعني: ليس ظاهرا في بلاد المسلمين، ولكن قد يكون هناك شيء من الشرك الخفي الذي لا يتفطن فيه، فنذكر شيئا عن عظم هذا الذنب، ثم نذكر له بعض الأمثلة،